الفرق بين القرآن والحديث القدسي
الحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل.
لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن
بالإجماع، وإن كان كل واحد منهما قد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن
الله عزّ وجل.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في لفظ الحديث القدسي: هل هو كلام الله
تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه، واللفظ
لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ على قولين:
القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه،لأن النبي صلى الله
عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن
يكون بلفظ قائله لا ناقله،لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس
أمانةً وأوثقهم روايةً.
القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لوجهين:
الوجه الأول: لو كان الحديث القدسي من عند الله لفظاً و معنى؛لكان أعلى
سنداً من القرآن؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى بدون
واسطة؛كما هو ظاهر السياق، أما القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم
بواسطة جبريل عليه السلام؛كما قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُس
من ربك )(النحل: الآية102) ، وقال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى
قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)
[الشعراء:193-195].
الوجه الثاني:أنه لو كان لفظ الحديث القدسي من عند الله؛لم يكن بينه وبين
القرآن فرق؛ لأن كليهما على هذا التقدير كلام الله تعالى،والحكمة تقتضي
تساويهما في الحكم حين اتفقا في الأصل،
ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة:
القرآن : نزل به جبريل عليه الصلاة والسلام على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، والوحي أنواع .
أما الحديث القدسي فلا يُشترط فيه أن يكون الواسطة فيه جبريل ، فقد يكون جبريل هو الواسطة فيه ، أو يكون بالإلهام ، أو بغير ذلك .
القرآن : مقسم إلى سور وآيات وأحزاب وأجزاء .
أما الحديث القدسي : لا يُـقسّم هذا التقسيم .
القرآن : مُعجز بلفظه ومعناه .
أما الحديث القدسي : فليس كذلك على الإطلاق .
القرآن : لا تجوز روايته أو تلاوته بالمعنى .
أما الحديث القدسي : فتجوز روايته بالمعنى .
القرآن : كلام الله لفظاً ومعنى .
أما الحديث القدسي : فمعناه من عند الله ولفظه من عند النبي صلى الله عليه على آله وسلم .
القرآن : تحدى الله العرب بل العالمين أن يأتوا بمثله لفظاً ومعنى .
وأما الحديث القدسي : فليس محلّ تحـدٍّ .
منها:أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته،بمعنى أن الإنسان لايتعبد الله
تعالى بمجرد قراءته؛فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات،والقرآن يتعبد
بتلاوته بكل حرف منه عشر حسنات.
ومنها: أن الله عزّ وجل تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه،ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية.
ومنها:أن القرآن محفوظ من عند الله عزّ وجل؛ كما قال سبحانه: (إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ؛
والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن،بل أضيف إليها ما كان
ضعيفاً أو موضوعاً، وهذا وإن لم يكن منها لكن نسب إليها وفيها التقديم
والتأخير والزيادة والنقص.
ومنها:أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث
القدسية؛ فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبوي بالمعنى والأكثرون على
جوازه.
ومنها:أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية.
ومنها: أن القرآن لا يمسّه إلا طاهر على الأصح، بخلاف الأحاديث القدسية.
ومنها:أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح،بخلاف الأحاديث القدسية.
ومنها:أن القرآن ثبت بالتواتر القطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه
حرفاً أجمع القراء عليه؛ لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو
أنكر شيئاً منها مدعّياً أنه لم يثبت؛ أواستنكره نظراً لحال بعض روايتهلم
يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لكان كافراً
لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم.
وأجاب هؤلاء عن كون النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله، والأصل في
القول المضاف أن يكون لفظ قائله بالتسليم أن هذا هو الأصل، لكن قد يضاف إلى
قائله معنى لا لفظاً؛ كما في القرآن الكريم؛ فإن الله تعالى يضيف أقوالاً
إلى قائليها، ونحن نعلم أنها أضيفت معنى لا لفظاً، كما في قصص الأنبياء
وغيرهم، وكلام الهدهد والنملة؛ فإنه بغير هذا اللفظ قطعاً.
وبهذا يتبين رجحان هذا القول، وليس الخلاف في هذا كالخلاف بين الأشاعرة
وأهل السنة في كلام الله تعالى؛ لأن الخلاف بين هؤلاء في أصل كلام الله
تعالى؛ فأهل السنة يقولون: كلام الله تعالى كلام حقيقي مسموع يتكلم سبحانه
بصوت وحرف، والأشاعرة لا يثبتون ذلك، وإنما يقولون: كلام الله تعالى هو
المعنى القائم بنفسه، وليس بحرف وصوت، ولكن الله تعالىيخلق صوتاً يعبّر به
عن المعنى القائم بنفسه، ولا شك في بطلان قولهم، وهو في الحقيقة قول
المعتزلة، لأن المعتزلة يقولون القرآن مخلوق، وهو كلام الله، وهؤلاء
يقولون: القرآن مخلوق، وهو عبارة عن كلام الله، فقد اتفق الجميع على أن ما
بين دفتي المصحف مخلوق.
ثم لو قيل في مسألتنا - الكلام في الحديث القدسي -: إن الأَولَى ترك الخوض
في هذا؛ خوفاً من أن يكون من التنطّع الهالك فاعله، والاقتصار على القول
بأن الحديث القدسي ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وكفى؛ لكان ذلك
كافياً، ولعله أسلم والله أعلم.
الفرق بين الحديث النبوي والحديث القدسي
الحديث القدسي : ينسبه النبي صلى الله عليه على آله وسلم إلى ربه تبارك وتعالى .
أما الحديث النبوي : فلا ينسبه إلى ربه سبحانه .
الأحاديث القدسية : أغلبها يتعلق بموضوعات الخوف والرجاء ، وكلام الرب جل وعلا مع مخلوقاته ، وقليل منها يتعرض للأحكام التكليفية .
أما الأحاديث النبوية : فيتطرق إلى هذه الموضوعات بالإضافة إلى الأحكام .
الأحاديث القدسية : قليلة بالنسبة لمجموع الأحاديث .
أما الأحاديث النبوية : فهي كثيرة جداً .
وعموماً :
الأحاديث القدسية : قولية .
والأحاديث النبوية : قولية وفعلية وتقريرية .
يُنظر لذلك : " الصحيح المسند من الأحاديث القدسية " للشيخ مصطفى العدوي ، و
" مباحث في علوم القرآن " للشيخ مناع القطان – رحمه الله – .
الفرق بين الحديث والأثـر
الحديث إذا أُطلق في الاصطلاح فهو أعم من أقوال النبي صلى الله عليه على آله وسلم .
بل يشمل الأحاديث القولية التي قالها الرسول صلى الله عليه على آله وسلم .
ويشمل الأفعال ، فوصف أفعال النبي صلى الله عليه على آله وسلم داخلة في مسمى الحديث ، كوصف وضوئه أو صلاته .
ويشمل أوصافه عليه الصلاة والسلام ، كذِكر صفة خَلقية أو خُلقية .
ويشمل تقرير النبي صلى الله عليه على آله وسلم لأمر من الأمور ، كإقراره أصحابه على أكل الضب والضبع .
وإذا أُطلق الحديث فإنه يشمل أقوال النبي صلى الله عليه على آله وسلم
وأفعاله كما تقدّم ، ويشمل أقوال الصحابة وأفعالهم ، فيُقال – مثلاً – بعد
رواية حديث ما : والحديث موقوف من قول فلان من الصحابة ، ويشمل المقطوع ،
وهو ما ورد عن التابعين من أقوالهم .
ويشمل كذلك : الحديث الضعيف فيُطلق عليه حديث ضعيف ، وكذلك الحديث الموضوع .
ويُطلق على ما تقدّم الخبر .
فهو بهذا الاعتبار يُرادف لفظ السُّـنـَّـة .
وأما عند التقسيم الاصطلاحي ، فيختلف عند بعض العلماء التقسيم إلى :
حديث : وهو ما أُثِـر عن رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم من قول أو
فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خُلقية – زاد بعضهم - قبل البعثة أو بعدها .
والصحيح أن لفظ " الحديث " ينصرف في الغالب إلى ما يُروى عن النبي صلى الله عليه على آله وسلم بعد النبوة .
وخبر : وهو مُرادف للحديث عند المُحدِّثين .
وفرّق بعضهم بينهما فقيل :
الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، والخبر ما جاء عن غيره .
ولذا قيل لمن يشتغل بالسنة : مُحدِّث ، ولمن يشتغل بالتواريخ إخباري .
وقيل بين الحديث والخبر عموم وخصوص مطلق ، فكلّ حديث خبر ، وليس كل خبر حديث .
وأثر : وهذا قد يُطلقه المُحدِّثون على المرفوع من حديثه عليه الصلاة
والسلام ، وعلى الموقوف من أقوال أصحابه يُطلقون عليها : ( أثـر ) ، ولذا
يُسمّى المحدِّث : أثـري . نسبة للأثر .
ويُقال في الحديث القدسي : في الأثر الإلهي .
إلا عند فقهاء خراسان ، فإنهم فإنه يُسمّون الموقوف بالأثـر ، والمرفوع بالخبر .
وخلاصة القول في هذا :
إذا أُطلِق لفظ " الحديث " فإنه يُراد به ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه
على آله وسلم ، وقد يُراد به ما أضيف إلى الصحابي أو إلى التابعي ، ولكنه
يُقيّد – غالباً – بما يُفيد تخصيصه بقائله .
ويُطلق الخبر والأثر ويُراد بهما ما أُضيف إلى رسول الله صلى الله عليه على
آله وسلم ، وما أُضيف إلى الصحابة والتابعين ، إلا أن فقهاء خراسان فرّقوا
بينها كما تقدّم .
وهذا عند المحدِّثين ، ولذا فإنه لا فرق عندهم بين " حدثني " وبين " أخبرني " .
ويختلف إطلاق السُّـنّـة عند أهل العلم كل بحسب تخصصه وفَـنِّـه .
إطلاقات السُّـنّـة
* تُطلق السُّـنّـة على ما يُقابل البدعة ، فيُقال : أهل السنة وأهل البدعة ، ويُقال : طلاق سني وطلاق بدعي .
* وتُطلق السُّـنّـة على ما يُقابل الواجب ، فيُقال : هذا واجب وهذا سُنّـة .
* وتُطلق السُّـنّـة على ما يُقابل القرآن ، فيُقال : الكتاب والسنة .
* و تُطلق السُّـنّـة ويُقصد بها العمل المتّبع ، فيُقال : فعل رسول الله كذا ، وفعل أبو بكر كذا ، وكلٌّ سُنة .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسُنة الخلفاء الراشدين .