الْسُّؤَال:
هَل مِن الْمُمْكِن صَوْم أَوَّل أَيَّام عِيْد الْفِطْر بُنَيَّة صَوْم السِّتَّة مِن شَوَّال لَأَنّنِي أَتَكَاسِل إِذَا أَفْطَرْت يَوْمَا بَعْد رَمَضَان؟
الْفَتْوَى:
بِسْم الْلَّه، وَالْحَمْد لِلَّه وَالصَّلَاة وَالسَّلام عَلَى رَسُوْل الْلَّه وَبَعْد..
فَقَد ذَهَب جُمْهُوْر الْفُقَهَاء إِلَى تَحْرِيْم صَوْم يَوْم عِيْد الْفِطْر وَعِيْد الْأَضْحَي، وَأَيّام الْتَّشْرِيق، وَمَن صَامَهَا فَصَوْمُه بَاطِل، وَذَهَب الْحَنَفِيَّة إِلَى الْقَوْل بِأَن صَوْم هَذِه الْأَيَّام مَكْرُوْه كَرَاهَة تَحْرِيْمِيَّة وَمَن صَام هَذِه الْأَيَّام فَيَصِح صَوْمُه مَع الْحُرْمَة.وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَابِلَة جَوَاز صَوْم أَيَّام الْتَّشْرِيق بِالْنِّسْبَة لِلْحَاج إِذَا كَان مُتَمَتِّعا أَو قَارِنا وَلَم يُذْبَح الْهَدْي فَلَه صَوْم هَذِه الْأَيَّام عِوَضَا عَن دَم الْهَدْي.
جَاء فِي الْمَوْسُوْعَة الْفِقْهِيَّة الْكُوَيْتِيَّة:ذَهَب الْجُمْهُوْر إِلَى تَحْرِيْم صَوْم يَوْم عِيْد الْفِطْر ، وَيَوْم عِيْد الْأَضْحَى ، وَأَيّام الْتَّشْرِيق ، وَهِي : ثَلَاثَة أَيَّام بَعْد يَوْم الْنَّحْر ، وَذَلِك لِأَن هَذِه الْأَيَّام مُنِع صَوْمُهَا لِحَدِيْث أَبِي سَعِيْد - رَضِي الْلَّه عَنْه – (أَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم نَهَى عَن صِيَام يَوْمَيْن: يَوْم الْفِطْر ، وَيَوْم الْنَّحْر) وَحَدِيْث نُبَيْشَة الْهُذَلِي - رَضِي الْلَّه تَعَالَى عَنْه - قَال : قَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : (أَيَّام الْتَّشْرِيق أَيَّام أَكْل وَشُرْب ، وَذَكَر الْلَّه - عَز وَجَل-).
وَذَهَب الْحَنَفِيَّة إِلَى جَوَاز الْصَّوْم فِيْهَا مَع الْكَرَاهَة الْتَّحْرِيْمِيَّة ، لَمَّا فِي صَوْمِهَا مِن الْإِعْرَاض عَن ضِيَافَة الْلَّه تَعَالَى ، فَالْكَرَاهَة لَيْسَت لِذَات الْيَوْم ، بَل لِمَعْنَى خَارِج مُجَاوِر ، كَالْبَيْع عِنْد الْأَذَان يَوْم الْجُمُعَة ، حَتَّى لَو نَذَر صَوْمَهَا صَح ، وَيُفْطِر وُجُوْبا تَحَامِيا عَن الْمَعْصِيَة ، وَيَقْضِيَهَا إِسْقَاطا لِلْوَاجِب ، وَلَو صَامَهَا خَرَج عَن الْعُهْدَة ، مَع الْحُرْمَة .
وَصَرَّح الْحَنَابِلَة بِأَن صَوْمِهَا لَا يَصِح فَرْضا وَلَا نَفْلا ، وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمَد أَنَّه يَصُوْمُهَا عَن الْفَرْض . وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَابِلَة فِي رِوَايَة: صَوْم أَيَّام الْتَّشْرِيق عَن دَم الْمُتْعَة وَالْقِرَان –بِالْنِّسْبَة لِلْحَاج-، وَنَقَل الْمِرْدَاوِي أَنَّهَا الْمَذْهَب ، لِقَوْل ابْن عُمَر وَعَائِشَة - رَضِي الْلَّه تَعَالَى عَنْهُم - لَم يُرَخَّص فِي أَيَّام الْتَّشْرِيق أَن يُصَمْن إِلَّا لِمَن لَم يَجِد الْهَدْي. وَهَذَا هُو الْقَدِيْم عِنْد الْشَّافِعِيَّة ، وَالْأَصَح الَّذِي اخْتَارَه الْنَّوَوِي مَا فِي الْجَدِيْد وَهُو : عَدَم صِحَّة الْصَّوْم فِيْهَا مُطْلَقا .
قَال الْغَزَالِي: وَأَمَّا صَوْم يَوْم الْنَّحْر ، فَقَطَع الْشَّافِعِي - رَحِمَه الْلَّه تَعَالَى - بِبُطْلَانِه ، لِأَنَّه لَم يَظْهَر انْصِرَاف الْنَّهْي عَن عَيْنِه وَوَصْفِه ، وَلَم يَرْتَض قَوْلَهُم : إِنَّه نَهَى عَنْه ، لِمَا فِيْه مِن تَرْك إِجَابَة الْدَّعْوَة بِالْأَكْل .وَيَحْرُم صِيَام الْحَائِض وَالنُّفَسَاء ، وَصِيَام مَن يَخَاف عَلَى نَفْسِه الْهَلَاك بِصَوْمِه.وَالْلَّه أَعْلَم.