السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حرب (غامد وزهران) وهزيمة الجيش التركي



تمكنت قبائل غامد وزهران من طرد الترك وهزيمتهم بعد
معارك عديدة من ضمنها معركة رهوة البر ومعركة صفا عجلان ومعركة المعرق وراش
وأخيرا معركة وادي قوب الشهيرة والتي كانت معركة الحسم والتي استطاع رجال
وغامد وزهران من خلالها طرد الجيش التركي نهائيا من المنطقة واليكم
التفاصيل

معركة 1320 هجري

أرسل مشائخ غامد مرسولاً يحمل إلى الشيخ راشد بن الرقوش عبارات التحايا
والتقدير وفيه فكرةٌ عن اتحاد قوى غامد وزهران لردع الجيش التركي ..

وبعد أن عاد المرسول إلى مشائخ غامد بدأت الرسائل مع الشيخ راشد بن الرقوش
تتخذ مساراً آخر , فجميع الرسائل تتحدث عن المكان المناسب لمقابلة الجيش
التركي , وأين ؟ وكيف ستجتمع قوى غامد بأبناء عمومتهم من زهران ؟
وتم الاتفاق أخيراً على أن تجتمع قوات غامد وزهران في عالقة الرهوة ببني
كبير في غامد لصد الغزو التركي .. وفي يوم السبت الموافق 17 من شهر جمادى
الآخر عام 1320 تحرك القائد التركي أبو ناب بجيوشه من بلجرشي إلى عالقة ..
وقبل أن تبدأ المعركة كان لابد للشعر أن يكون له موقف .. فارتجل الثائر الزهراني محمد بن ثامرة قائلاً :

والله يابو ناب يالكذاب مانبغي لكم وناس
ارجع اسطنبول واما سدك اسطنبوا فاقضم مروه
لو نطيع أهل الشياخه كلّت حق الله وحقنا

ويقول الشاعر الكبير الزرقوي من غامد رحمه الله

حزموكم بندق الدوله **** وعدتم من رجال الغمد
خلف هذيك الحواك **** الخام ملويه بليتين


وبدأت المعركة الشرشة لتنتصر القوة الشعبية المشتركة لأبطال غامد وزهران ,
ويُقتل من الترك أكثر من خمسين مقاتل , وليتمكن أبطال المقاومة من غامد
وزهران تعطيل ثلاثة مدافع وسقط من أبطال غامد خمسة رجال , وخمسة أبطال من
رجال زهران.

وبعد انتهاء المعركة لم يجد القائد العثماني أبو ناب بداً من الفرار فتحول
بفلول جيشه الى عقبة الظفير متوجهاً الى وادي المَعْرِق , وهناك اشترك رجال
غامد وزهران مع الجيش العثماني في معركة وصفها بعض كبار السن بأنها شرسة
لدرجة أن السماء أظلمت من عجاج البارود , وكان النصر حليفاً للقوات
المشتركه من غامد وزرهران .. وكان عدد القتلى من الجيش التركي ما يقارب 600
جندي , بالاضافة الى سقوط الكثير من الغنائم وكانت على النحو التالي ..

400 بندقة , و 19 جمل , و 12 خيل , والكثير الكثير من الذهب والفضة حتى
قُدّر المبلغ بـ 15 ألف ريال فرانسة .. أما عدد القتلى في صفوف الجيش
الشعبي المشترك فبلغ 7 رجال من زهران , ورجلين من غامد .

هذا ما حدث في معركة المَعْرِق , أما القائد التركي أبو ناب فلقد استطاع
النجاة بجلدة هو ومجموعةٌ من فلوله المهزومة , واستطاع الوصول الى قُرب
قرية المروة في تهامة وتحصن في حصونها الغليظه , ولكن سرعان ما دارت
الأقدار وبدأت جيوش غامد وزهران في محاصرته حتى دفعت به الى وادي راش وهناك
كانت معركة راش وهناك وقعت المعركة العظيمة , حيث قامت قوى غامد وزهران
بسحق فلول أبوناب حتى فنّيت عن بكرة أبيها وسقط أبو ناب قتيلاً , وقام رجال
غامد زهران بتعليق رؤوس الجيش التركي في أشجار السدر والطلح المنتشرة في
أرجاء الوادي في منظرٍ دموي عنيف

يقول الشاعر محمد بن ثامرة

ورقاب الترك لا واليوم في المعرق معاضلة
والذي مالناس يحسدنا على القالة وقولة ونعم
يندر أعدى العآقبة يبصر فعايلنا وشغلنا
شرطٍ إنه يختلف عقله ويذهل حن يشوف الميتا
ويقول الساعه قامت وإن هذا البعث والنشور

( معركة عام 1321هـ )

على ضوء مقتل أبو ناب وفناء الجيش العثماني في معركة راش .. قام متصرف لواء
عسير اسماعيل حقي باشا بتجهيز حملة كبيرة جداً مكونة من ستة طوابير بقيادة
أمير اللواء الحادي عشر أحمد لطفي باشا , والكمندار اسماعيل باشا ,
والكمندار علي عبشان


وبعد وصول الامدادات العسكرية الى بطن وادي قوب والتي كانت في الأصل متجهةً
الى فرعة زهران لمساندة القوات العثمانية هناك .. حدثت المفاجأة حيث علي
عبشان وفلوله الهاربة قد وصلت الى بطن وادي قوب في مشهد هروبٍ مخزي ,
وأبطال غامد زهران مازالوا يلاحقونهم في مشهدٍ مثير , وحتى قبل أن يبدأ
اسماعيل باشا بسؤال علي عبشان عما حدث كانت غطارف النصر وصرخات البنادق
تملأ أرجاء وادي قوب , حيث رجال غامد وزهران بقيادة الشاعر محمد بن ثامره
الذي ينشد ثائراً ..

حلفت يا لابةٍ في سيل .. لتشرب الجن من دمه
وناخذ المدفعه والخيل .. وبنت بقعا تزمزمه


يقول الشاعر الفارس علي بن عثمان الغامدي من بني ظبيان من دار الجبل:

انحن اولاد قومٌ قد مضت فـي سنيـن سالفـه"
"يوم ماتصبح الا كل قومٌ علـى المحجـاه ليّـه
صبّحوا والعشاير صُورهم مليكن اكـربّ هُـم"
"والدول ذيك الأيام الذي مدّت احمد بـاش هيلـه
والطواغيت ماتمضي علينـا ولا للباشـه أيـد"
"والقبائل لهم من فوق ذيك المحاجي رفص غاره
يهرب اللاش والمطلق يشوف البيارق وانـدرك"
"مامعه غير بُوزرفال والصاغ مايرمى بعُوظـه


وهناك بالقرب من سوق رغدان وقعت المعركة التاريخية في يوم الأربعاء الموافق
15 شهر رجب سنة 1321هـ حيث القوات العثمانية محاصرة بين غامد من الجنوب
ولا تستطيع الإنسحاب لإن خط الرجعة مقطوع من رجال غامد , ورجال زهران من
الشمال
وبنصرٍ من الله عزوجل ثم شجاعة وبسالة أبطال غامد وزهران تم إبادة ثلاثة
طوابير من الجنود العثمانيين , واستطاع محمد بن ثامرة من الوصول الى القائد
عجلان باشا الذي حاول الهرب فأرداه قتيلاً ,وقُتل أيضا في تلك المعركة
القائد علي عبشان الأحمري , وبعد الانتهاء من المعركة سقطت كثيرٌ من
الغنائم من أهمها المدافع والخيل والبغال والجمال والدراهم والذهب والفضة
والفرش والبنادق وصناديق الرصاص .

وكانت هذه المعركة الفاصلة بين غامد وزهران من جهة و جيوش الترك من جهة أخرى

حيث انتهت بمقتل القائد التركي أحمد باشا وقتل القادة حيدر وبونابين وعلي
عبشاني فأنهزم الترك بعد أن قتل منهم أعداد كبيرة وهرب الباقون من الجيش
التركي الى تهامة عن طريق عقبة رغدان حيث تمكن أبناء غامد وزهران من
الاجهاز عليهم في أسفلها وكانت هذه المعركة هي خاتمة معارك أبناء غامد
وزهران مع الأتراك حيث لم يعد للأتراك بعدها أي وجود في المنطقة بأسرها
وكانت هذه المعركة العظيمة الفاصلة بقيادة شيخ شمل غامد محمد عبدالعزيز
الغامدي وشيخ شمل زهران راشد بن رقوش .

ويقول الشاعر الفارس علي بن عثمان الغامدي في قصيدة اخرى:


طلبت الله تبدى ياسلامي علـى مـن لـي لبـاس"
"انا ما اعني ثياب البفت والا ثياب اللاس ما أعنـي
ما اعني الا القيوف اهل الميازر وشُغل مشي وكان"
"مايقصر صوابه في نهـار الطـراد ومـا يزمـزم
يـوم نـاس تخـاف الله ونـاس تحلـل ماحـرم"
"واراده يعمى الديّـان فـي غاربـه والا ضحيـه
والذي يتحزم به في الحـرب واي تـارك صـلاة"
"مثل ماتركوا غامد وزهران دون وسـاع راضـي
اهلكوا دولة ابونـاب والخيـل الأدهـم دربخـوه"
"حالفتهم قلـوبٌ تحمـل الضيـق واغـوادر بهـا
يوم زادت مع السلطان قـدّر عليـه الله وحالـه"
"مابقـى مـن القـوات والا مـن الطابـور حـد
والذخائر بعـد لليـوم فـي كـل بيـت مشيمعـه


وقد غدت قبائل غامد وزهران مصدر خطر على الدولة التركية التي بسطت نفوذها
في فترت متقطعة على أبها حيث تسببت في قطع الامدادات والمؤن وسير البريد
بين الحجاز وأبها . يقول متصرف عسير وقائدها التركي آنذاك سليمان شفيق في
رسالة بعثها الى القائد العام لجيوش اليمن عزت باشا بتاريخ 17/6/1912م (هذه
مناطق غامد وزهران في حالة ثورة لا يمكن مرور البريد في أراضيها) .


المصدر

كتاب تاريخ المخلاف السليماني لمحمد أحمد عيسى العقيلي



والله ولي التوفيق