اردت ان اسال ,,هل عدم اجابة الدعاء بسرعة تعنى انه لن يجاب ؟ وهل هناك دلائل معينة تدل على ان الله تقبل الدعاء ,وهل قد تكون بشعور الانسان بطمانية تجاه ما طلب من ربه؟؟؟ وشكرا
الجواب : عدم إجابة الدعاء مباشرة ليست دليلا على أنه لن يُجاب ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ . قِيل : يَا رَسُولَ اللّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَال : يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدّعَاءَ . رواه مسلم . والله سبحانه وتعالى يُحب الدعاء ويُحب المُلحِّين في الدعاء . ولذا كان من هدي الأنبياء الإلحاح على الله بالدعاء مع مرور الليالي والأيام . ففي خبر نبي الله موسى قال الله سبحانه : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) فكان بين دعائهما وبين استجابته أربعين سنة . روي عن أبي جعفر محمد بن علي وعن الضحاك أنـهما قالا – في قوله تعالى : ( قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ) : كان بينهما أربعون سنة . وقال ابن جريج : يُقال إن فرعون ملك بعد هذه الآية أربعين سنة . قال مرزوق العجلي : دعوت ربي في حاجة عشرين سنة فلم يقضها لي ، ولم أيأس منها .
وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الإلحاح على الله كما في يوم بدر ، فقد دعا ودعا حتى سقط رداءه ، وكان يُردد : أنشدك عهدك ووعدك . اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً ، فأخذ أبو بكر بيده وقال : حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربك . رواه البخاري .
قال ابن رجب : والله سبحانه يحبُّ أن يُسأل ، ويُرغبُ إليه في الحـوائج ، ويُلحُّ في سؤاله ودعائه ، ويغضب على من لا يسأله ، ويستدعي من عباده سؤالَه ، وهو قادر على إعطاء خلقه كلهم سؤلهم من غير أن ينقص من ملكه شيء ، والمخلوق بخلاف ذلك ، يكره أن يسأل ويحب أن لا يسأل ؛ لعجزه وفقره وحاجته ، ولهذا قال وهب بن منبه - لرجل كان يأتي الملوك - : ويحك تأتي من يغلق عنك بابَه ، ويظهر لك فَقْرَه ، ويواري عنك غناه ، وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ، ويظهر لك غناه ، ويقول ادعني أستجب لك . وقال طاووس لعطاء : إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق بابه دونك ، ويجعل دونـها حجّابَه ، وعليك بمن بابُه مفتوح إلى يوم القيامة ، أمرك أن تسألَهُ ، ووعدك أن يجيبَك . انتهى كلامه رحمه الله .
ولا بد أن يُعلم أن من وُفِّق للدعاء فقد وُفِّق لخير كثير ، وليست الإجابة الفورية من شرط الدعاء ، لأن من دعا فهو أمام أحدِ ثلاثةِ أمور : إما أن تُجابَ دعوته مباشرة . وإما أن يصرف عنه من البلاء مثلما سأل . وإما أن تُدّخر له في الآخرة . لحديث أبي سعيدٍ الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مـا من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رحم إلا أعطاه الله بـها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدّخرها له في الآخرة ، وإمـا أن يصرف عنه من السوء مثلها . قالوا : إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر . رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد ( ص 292 ) والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي . وهو حديث صحيح .
وكان عمرُ رضي الله عنه يقول : إنّي لا أحمل همَّ الإجابة ولكن همَّ الدعاء ، فإذا أُلهمتُ الدعاء فإن الإجابة معه .
ومن الدلائل على أن الله تقبل دعاء العبد أن ينشرح صدر العبد ويطمئن لمسألة ربِّـه والإلحاح عليه ، ولو لم يحصل مقصوده . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال بعض السلف : يا ابن آدم . لقد بُورِك لك في حاجة أكْثَرْتَ فيها مِنْ قَرْعِ باب سيِّدك . وقال بعض الشيوخ : إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه ، فيفْتَح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحبّ معه أن يُعجّل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك ؛ لأن النفس لا تـريد إلا حظّهـا فـإذا قـُضـيَ انصرفت . انتهى كلامه رحمه الله .